كيف نحرك دوافع النجاح عند الابناء

كيف نحرك دوافع النجاح عند الابناء
أكدت البحوث العلمية أن نجاح الأبناء وتفوقهم في جميع مناحي الحياة يعود بالدرجة الأولى الى التربية التي يتلقاها الأبناء في أسرهم ومدى علاقتهم مع آبائهم والثقة والحرية التي يعطيها الكبار للصغار وتوفير الاستقلالية لهم ومساعدتهم على الاكتشاف وتنمية قدراتهم من خلال الملاحظة والمتابعة والتخطيط والتنظيم في جميع الأمور
حول هذا الموضوع تحدثت الأستاذة لمى قشلق في محاضرة ألقتها في المستشارية الثقافية الإيرانية في دمشق ـ الندوة النسائية الشهرية الثلاثون قائلة: ‏
كل منا يسعى الى نجاح أبنائه ويبذل كل جهد لتحقيق ذلك وأول نجاح هو النجاح في الحياة العامة. ‏ لذا فإن تحريك دوافع النجاح هو الطريق الى القمة، فالنجاح الدراسي مهم ولكن الأهم في النجاح في الحياة العامة.
وللنجاح مفتاح وخطوات لذلك أصبح علماً وهندسة فهو يبدأ بفكرة ويحفز بالشعور ويترجم بالعمل وهو في نهاية الأمر مرحلة فعندما تكون الرغبة مشتعلة من أجل النجاح لن تقف في طريقها أية قوة مهما كانت كبيرة. ‏

وقد أجريت أبحاث خلال 25سنة من قبل 1000 مؤسسة على عشرات الألوف من الأشخاص وكانت النتيجة نفسها أن نجاح الإنسان يتوقف على مهارات لا علاقة لها بالشهادة والتحصيل العلمي وإنما بالدوافع الى التعلم، وأعظم هدية يمكن أن نقدمها لأبنائنا هي أن نعلمهم كيف ينجحون في الحياة.. وأن نخلق لديهم الدافع الى النجاح.
ماذا نعني بالدافع؟ ‏ تقول الأستاذة قشلق في تعريفها للدافع: ‏
إن الدافع هو حالة داخلية مسؤولة عن تحريك السلوك وتوجيهه ولايبدأ أي عمل إلا بوجوده ولايستمر إلا معه وهذا الدافع يزرعه الأهل من خلال التعامل مع الأبناء بطريقة صحيحة تستند الى قواعد تربوية صحيحة وعدم اللجوء الى مقارنتهم مع أقرانهم الذين يتفوقون عليهم. ‏

أعراض ضعف الدافع: ‏ من أعراض ضعف الدافع ـ تقول السيدة قشلق ـ اللامبالاة والميل الى العزلة وعدم المشاركة في النشاطات واحترام المواعيد. والتدني في التحصيل الدراسي وعدم بذل الجهد والبعد عن الأعمال التي تتطلب جهداً. ‏
أما أسباب ضعف الدافعية فهي الأسرة التي ترسم وتحدد توقعات عالية لأبنائها أشياء فوق مستواهم وقدراتهم أو تتوقع لهم قدرات أقل من مستواهم، هذه التوقعات تكون عائقاً في تحقيق النجاح، ومن الأسباب أيضاً ارتفاع تكاليف المعيشة، فالظروف الاقتصادية وغلاء المعيشة حيث لايكون هناك وقت للحوار والنقاش مع الأولاد إضافة الى ذلك الصراعات بين الأبوين وشعور الولد بأنه غير مرغوب من قبل الأهل ـ أنثى ـ ذكر ـ عدد الأولاد، هذه الأسباب لها تأثير كبير على الدافعية عند الأبناء. ‏
كذلك المدرسة التي تركّز فقط على التحصيل العلمي ولاتعطي اهتماماً الى أنواع الذكاء المتعددة وعدم تفهم الفروق الفردية ـ سرعة التعلم ـ طريقة السمع ـ واستخدام أساليب غير مجدية كأسلوب: العقاب والثواب. ‏

أنواع الدوافع: ‏ أولاً ـ دوافع خارجية ومصدرها خارجي كالأهل والمعلمين والأصدقاء والأقارب، وهذه لايمكن التحكم بها، بل تتحكم بنا، وتأثيرها متناقض وتحتاج الى أسلوب آخر وفائدتها محدودة. ‏

ثانياً ـ دوافع داخلية مصدرها داخلي ينبع من الذات ويمكن التحكم بها لأنني أنا أملكها وتأثيرها قابل للزيادة لأنه يأتي عن طريق الكلام وفائدتها لامحدودة. ‏


وتتابع المحاضِرة حديثها ان هناك مستويات للنجاح يجب أن نأخذها بالحسبان. ‏
ـ هناك نجاح سطحي يقدم حلولاً سريعة وعلاجات مؤقتة للأمراض المستعصية لاتلبث أن تعود الى السطح ثانية. ‏
ـ النجاح العميق الذي يجعل من وظيفة الشخصية صفة أساسية ودائمة في الشخصية. ‏
فبدلاً من أن نعطيه سمكة تطعمه ليوم واحد علينا أن نعلمه كيف يصطاد السمك ليطعمه زمناً. ‏
إن نجاح الأبناء يخضع لقوانين الحصاد، فأنت تحصد ماتزرع ولا تفيد في التربية الأماني، أن أتمنى أن يكون ابني مهندساً ـ طبيباً... دون أن نسعى بكل جهد لذلك يكون الأمل ضعيفاً كأن نبني لأبنائنا قصوراً من الرمال تسقط لأول رياح هابّة. ‏
والنجاح لايأتي إلا بقوة العاطفة من الأهل.. على الأهل أن يتعرفوا على العمر الزمني الذي يتمثل بعدد السنوات، والعمر العقلي الذي يدل على ذكاء الابن، أما العمر الاجتماعي فهو يدل على علاقة الطفل مع المجتمع وهل هو قادر على أن يبدي رأياً أمام الآخر؟ وما هو متوقع منه مقارنة مع عمره الزمني. ‏
أما العمر الوجداني فهو يقارن النضج الوجداني للطفل بعمره العقلي بمعنى: هل هذا الشخص يتعامل مع مشاعره؟. وهذه الأنواع المختلفة من الأعمار لاتسير متوازية في أغلب الأحوال فنجد بعضها يسبق الأخر. ‏ وليس للأهل سيطرة أو تحكم بالعمر الزمني ولكن لهم سيطرة ضعيفة على العمر العقلي. ‏

وتقول المحاضرة:
إن على الإنسان لكي ينجح في الحياة أن تكون لديه ملاءمة واندماج وطموحات وأن يحدد هويته ويعرف من هو وأن يتقبل ذاته كما هو. ‏
وعلينا كأهل أن نُشعر الطفل بالأمان العاطفي والمحبة والمودة وأن نستبدل كلمة لا بكلمة أحاول وأن نضع له أهدافاً ونعلّمه كيف يخطط للمستقبل والى تحقيق هذه الأهداف ونشعره بمتعة الإنجاز ونمدحه أمام الآخرين وأن نقدم له النقد بطريقة إيجابية، ونترك له الحرية في التعبير عن رأيه واختيار مايريد. ‏
فهذه هي فيتامينات الحياة التي نقدمها لأبنائنا لتقوية مناعتهم الذاتية والسير في طريق النجاح.. فالكلام الإيجابي يجعل حركات الدوافع كالمسنن الصغير الذي يحرك المسنن الكبير الذي يشغل مصنعاً أو معملاً.


سلامي

شكراً لك يالياس